حادثة قطار محطة مصر أصابتني بصدمة شديدة، لا أنصح إطلاقًا بمشاهدة مقاطع الڤيديو التي تسربت للضحايا وهم يصارعون الموت فقد تترك أثرًا دائمًا عند مشاهديها. لكن بعد أن أفقت من ذهول الصدمة تداعت إلى ذهني أسئلة غاضبة وأصبحت أشعر بمزيج من الغضب والحزن.
ما هو سبب هذا الحادث المروع؟ لا أقصد السبب الحتمي المباشر الذي هو إما إهمال أو تعمد من سائق مجرم على أي حال، لكن أقصد ما الذي أدى إلى أن وصلنا إلى هذا الحد المروع من العبثية والفوضى التي يصبح فيها من الممكن لمجرم مهمل أو متعمد أن يسبب حادث مروع في قلب العاصمة ويسبب عشرات الوفيات والضحايا، أي تردي هذا الذي وصلنا إليه.
سكك حديد مصر تردت من سيء إلى اسوأ ولا يمر عام أو عامين دون أن نسمع عن حوادث متفرقة هنا وهناك يقع ضحيتها مواطنون أبرياء يطاردون لقمة العيش وسط أعباء الحياة اليومية فيقتلهم الإهمال والفشل، الأمر تعدى الإهمال في مواعيد انطلاق ووصول القطارات ووصل إلى إهمال في المزلقانات والفرامل وأدوات الأمان!
في الماضي كان كبار رجال الدولة يتنقلون بين أنحاء الوطن بالقطار، لكن مع تردي مستوى الخدمة والأمان ابتعدوا عن القطارات وأصبحوا يتنقلون بالطائرات والسيارات، ترى هل أصبحت كفاءة هذا القطاع سيئة لأن كبار رجال الدولة لا يركبون القطارات أم أن كبار رجال الدولة لا يركبون القطارات لأن حالتها أصبحت سيئة؟
هل أصبحت كفاءة السكة الحديد سيئة لأن كبار رجال الدولة لا يركبون القطارات؟
أليست روح كل مواطن مصري تساوي روح أي مسئول؟ أم أن كبار مسئولي الدولة أرواحهم أغلى من الطبيب الشاب الذي أزهقت روحه بعد استلامه لأوراقه الحكومية والسيدة المصرية التي فقدت حياتها وهي عائدة من رحلة عمل خيري؟ هل كان الإهمال سيضرب في أركان الهيئة لهذا الحد لو كان الوزراء وكبار رجال الدولة يستخدمون القطار بانتظام؟ إنني أطرح تساؤل بريء يا سادة!
أليست روح كل مواطن مصري تساوي روح أي مسئول؟ أم أن كبار مسئولي الدولة أرواحهم أغلى من الطبيب الشاب الذي أزهقت روحه بعد استلامه لأوراقه الحكومية والسيدة المصرية التي فقدت حياتها وهي عائدة من رحلة عمل خيري؟
وتساؤل بريء آخر، أخبرونا يا سادتنا من هم المسئولين الحقيقيين، لا أقصد السائق المجرم الذي هو أداة الجريمة المباشرة، لكن من هم المسئولين عن تردي الأمور لهذا الحد المفزع الذي يستطيع فيه أي مجرم متبلد الشعور أن يشكل خطرًا على مواطنين أبرياء، من هم أفراد التسلسل الوظيفي الذي أدى في النهاية لأن تصبح حياة المواطنين لعبة في يد مجرم مستهتر. ثم وبعد الجريمة البشعة يخرج المجرم على التليفزيون ليستفز مشاعرنا أكثر في مشهد جديد من مشاهد الإعلام غير المسئول الذي لا يراعي حرمة الموت ولا مشاعر أهالي الشهداء ولا آلام الشعب المكلوم الذي شاهد نتيجة الفوضى والإهمال أمام عينيه، من سمح بأن يخرج هذا المجرم ليستعرض أدوات جريمته “التبلد والفشل وانعدام المسئولية” أمام الجميع، استفزاز ما بعده استفزاز.
وبعد الجريمة البشعة يخرج المجرم على التليفزيون ليستفز مشاعرنا أكثر في مشهد جديد من مشاهد الإعلام غير المسئول الذي لا يراعي حرمة الموت ولا مشاعر أهالي الشهداء ولا آلام الشعب المكلوم.
كرم كردي،،