مشاكل عميقة في المهنة لا تجذب انتباه الصيادلة!

بحكم عملي وعمل عدد كبير من أفراد أسرتي في مهنة الصيدلة كانت تفاصيل المهنة دائمًا حاضرة في النقاشات الأسرية والعائلية، هموم كل قطاعات الصيادلة هي أحاديث نتداولها فيما بيننا حتى كأن الصيدلة ليست مهنة نمارسها في وقت العمل فقط لكن طريقة في الحياة والتفكير، كثيرًا ما كان ابني يسألني متعجبًا عن سبب حديثنا المتكرر عن الصيادلة والشركات والإكسباير وهذة التفاصيل المهنية التي كانت بالنسبة له مملة، حتى أصبح هو أيضًا صيدليًا يشاركنا الحديث ويطرح الأسئلة ويتابع تفاصيل المهنة بشغف.

صدمتنا الكبيرة كانت عندما انفلتت الأمور داخل نقابتنا وخرجت الخلافات للعلن بأبشع الصور، صحيح أن العمل النقابي طبيعي أن يكون به خلافات وأحيانًا تكون خلافات عميقة، لكن لم يحدث أبدًا في تاريخ مهنتنا ونقابتنا أن انفلتت الأمور لهذا الحد حتى أصبح رجل الشارع شريكًا في الأحداث بالنقد والتحليل وأصبحت مهنتنا على المشاع، أصابنا غم كبير عندما تصورنا كيف أصبح يرانا المريض. ترشحت نقيبًا لصيادلة مصر وقررت أن أبذل كل الجهد وأستعين بما علمته لي الحياة وما اكتسبته من خبرة في العمل العام.

في الغالب تكون الانتخابات فرصة لكي يعرف الناس مرشحيهم ويتعرفون على برامجهم ورؤاهم لحل المشاكل المصيرية والتعامل مع الملفات المهمة، لكن الصدمة التالية كانت نوعية النقاشات التي تدار في فترات الانتخابات لحشد الأصوات، التسطيح وإهمال الملفات الكبيرة والإغراق في تفاصيل ملفات شعبوية مصممة خصيصًا لحشد الأصوات كانت تلك هي السمات الأساسية التي لاحظتها في أول أيام إعلاني للترشح.

حتى عندما طلبت من الزملاء طرح أسئلتهم وطلب الاستفسارات جاء عدد كبير من الأسئلة من نطاق “كم عمرك؟” أو “هل نستطيع مقابلتك إذا أصبحت نقيبًا؟” وغيرها من الأسئلة التي تتجاهل وجود مشاكل مصيرية تهدد المهنة بشكل حقيقي وتهدد الحياة الكريمة للصيدلي. هناك مثل إنجليزي شائع يقال “هناك فيل في الغرفة | Elephant in the room” وهو يقال لمن يتجاهل المشاكل الكبيرة فكأنه يتجاهل وجود فيل ضخم في الغرفة ليتسائل عن درجة لون الحائط!

مشكلة قانون التأمين الصحي الذي تم تجاهل الصيادلة فيه مما قد يؤثر بشكل كارثي على اقتصاديات الصيدليات الصغيرة، مشاكل الصيادلة الحكوميين وعدم وجود توصيف وظيفي واضح لهم مما يضر بفرصهم في الترقي المهني ونقص أدوات وتقدير المفتشين ماديًا وأدبيًا، مشكلة تغول سلاسل الصيدليات على الصيدليات الفردية دون رقيب أو حسيب وقطار التطور الذي لم تلحق به الصيدليات الفردية فأصبحت فريسة سهلة لأي منافس، مشكلة تدهور المستوى العلمي للصيادلة واحتياجهم المزمن لبرنامج تعليم مستمر متكامل، وغيرها من المشاكل شديدة الضخامة والأهمية والتي تحتاج لأجندة عمل معقدة وفريق كبير من الإداريين والخبراء المتخصصين، معظم تلك الملفات لا تطرح للنقاش بشكل جدي مهما كررت الحديث عنها في مقاطع ڤيديو ولقاءات مع الزملاء وخطابات وغيرها.

لكن لا شك عندي أن هذة المهنة العظيمة ستعود لطريق الازدهار والتطور مرة أخرى، ولا شك عندي أن صيادلة مصر مهما تم تضليلهم بالشعارات الفارغة والحناجر الغوغائية يستطيعون تمييز ما فيه حماية لحقوقهم ومصالحهم، ولا شك عندي أنني سألقى صدى وتجاوب في رحلتي التي لن أتراجع عنها من أجل لم شمل صيادلة مصر وتوحيد صفوفنا حتى نستطيع بقوتنا الضاربة حل مشاكلنا العالقة واستعادة هيبة المهنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *